لا وجود للمقدس في منظومة الجمعية

 أكدت خديجة رياضي أن المقدس بالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الانسان هو الحق في الحياة لأنه هو أرفع حق يجب أن لا يمس من طرف أي كان، و تضيف رئيسة الجمعية أنها تعتزم رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين عما جرى في الوقفة التي تم قمعها بالرباط تضامنا مع المعتقلين.

إهانة المقدسات

جريدة الأيام

7/14/2007

خديخة الرياضي تؤكد "للأيام" أنه باستثناء الحق في الحياة

لا وجود للمقدس في منظومة الجمعية

أكدت خديجة رياضي أن المقدس بالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الانسان هو الحق في الحياة لأنه هو أرفع حق يجب أن لا يمس من طرف أي كان، و تضيف رئيسة الجمعية أنها تعتزم رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين عما جرى في الوقفة التي تم قمعها بالرباط تضامنا مع المعتقلين.

من جهة أخرى، يؤكد محمد بوكرين أن التهمة التي وجهت له ملفقة، و أن محاكمته ذكرته بسنوات الرصاص و أن القضاء سخر لمعاقبته على مواقفه من المصالحة المغشوشة.

— ما هو مفهوم الجمعية المغربية لحقوق الانسان للمس بالمقدسات؟

¡إن الجمعية المغربية لحقوق الانسان تعتمد على المبادئ الكونية لحقوق الانسان، و هي المبادئ التي لا تؤمن بشيء اسمه المس بالمقدسات، لأن هذه المبادئ تعتبر أن المس بالمقدس يعني بالضرورة التضييق على أنواع من الحريات و في مقدمتها، حرية الرأي و التعبير التي تضمن للفرد التعبير عن أفكاره و آراءه و معتقداته كيفما كانت طبيعتها، مادام ذلك التعبير سلميا، لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى أن هناك جرائم أخرى، لا علاقة لها بالمس بالمقدسات، لكنها ترتبط بالقذف أو السب الذي قد يلحق كرامة الأشخاص و سمعتهم و قد يمس بمصالحهم، و كما قلت قبل قليل، فهي جرائم تختلف تماما عن ما يسميه البعض المس بالمقدسات.

— إذن ما هو المقدس بالنسبة للجمعية؟

¡ إنه الحق في الحياة، إنه أرفع و أقدس حق يجب أن لا يمس من طرف أي كان، و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تناضل، دائما، ضد كل الأشكال التي قد تجعل أي شخص يتعرض للمس بحقه في الحياة لأنه أقصى أنواع العنف من ضمنه عقوبة الإعدام. أما المواضيع و الأفكار و الآراء فكلها قابلة للنقاش، و لا يمكن أن تحاط بنوع من الإمتياز يجعلها في نظر البعض مقدسة، فالجمعية لا تتفق مع هذه التصورات، و تتشبت دائما بمبادئ المنظومة الحقوقية الكونية التي تؤكد على أن هناك حرية الفكر و الرأي و التعبير و المعتقد يجب عدم المساس بها أو التضييق عليها، و بطبيعة الحال، دون أن تلحق ممارسة هذه الحرية أدنى مس بكرامة أي شخص كيفما كان هذا الشخص.

— و ما رأيكم في التهم التي وجهت للمعتقلين و التي اعتبرت أنها لها علاقة مباشرة بالمس بالمقدسات التي ينص عليها القانون الجنائي المغربي؟

¡ ليست هناك تهمة المس بالمقدسات في القانون، لكن للأسف الشديد، لازال في المنظومة القانونية المغربية الحديث عن المقدسات، و بالنسبة لنا في الجمعية فإننا نطالب بإعادة النظر في العديد من القوانين و في العديد من الفصول الفضفاضة التي تستعمل للتضييق على الحريات، و تكريس هذا التوجه مازال مستمراً مع الأسف، و خير دليل على ذلك، هو المشروع الأخير لقانون الصحافة الذي كرس، مرة أخرى، الجوانب المرتبطة بالمقدسات و الخطوط الحمراء التي يمنع تجاوزها.

أما في ما يخص المحاكمات التي توبع خلالها العديد من المعتقلين بتهمة المس بالمقدسات و في العديد من المناطق، فقد سجلنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنها لم تكن محاكمات عادلة، لدرجة أن سلطة الإتهام لم تستطع حتى اثبات التهم التي وجهت للمعتقلين، كما أن الشهود الذين تم استدعاؤهم لتأكيد التهم على المعتقلين كانوا من رجال السلطة، و بالتالي لا يتوفر في هؤلاء الذين اعتبروا شهودا عنصر الحياد و الاستقلالية، و على الرغم من ذلك، فقد اعتبرت أقوالهم و شهاداتهم بمثابة إدانة نهائية للمعتقلين، هذا بالإضافة إلى أنه تم الاعتماد على محاضر أنجزت من طرف رجال السلطة أياما بعد فاتح ماي، في الوقت الذي لم تتضمن المحاضر الأولى أي إشارة لأي شعارات قد تكون تحمل قذفا أو سبا، إضافة إلى التعذيب الذي مورس على بعض المعتقلين و غيرها من الانتهاكات الصارخة للحق في المحاكمة العادلة.

من جهة ثانية، و حتى لو سلمنا أن المعتقلين قد رددوا تلك الشعارات التي كتبت في محاضر الاتهام و التي اعتبرت أنها تشكل مساً بالمقدسات، فإنها لا تشكل، بالنسبة للجمعية أية جريمة يمكن أن يعاقب عليها القانون، لا تشكل لا قذفا و لا سبا و لا مسا بكرامة أو حرية أي شخص، بل إنها تمثل آراء تم التعبير عنها.

— لكن هناك من يقول إن بعض الشعارات التي تم ترديدها بمناسبة فاتح ماي في بعض المدن كانت لها علاقة بالمس بشخص الملك، فما هو رأيكم؟

¡هذا الرأي نعرفه و هو الذي تم اعتماده لإعتقال و اتهام كل المعتقلين، لكننا لا نتفق معه، بل إننا نرفضه، لأنه يحد من ممارسة العديد من الحقوق من قبيل الحق في التعبير و إبداء الرأي، و منظمة العفو الدولية تعتمد معايير دقيقة للتمييز بين معتقل الرأي و المعتقل السياسي من جهة، و بين المرتكب لجريمة القذف و المس بكرامة الأشخاص من جهة أخرى، و قد تبنت المعتقلين الثمانية كمعتقلي رأي و طالبت من الدولة المغربية إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط مما يتماشى مع تقديرنا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي اعتبرت كل المعتقلين على خلفية ما جرى في فاتح ماي و المتضامنين معهم، بمثابة معتقلي رأي و نطالب بإطلاق سراحهم فوراً، و بالمناسبة، ليست الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وحدها من تعتبر المعتقلين معتقلي رأي، و ليست وحدها من تطالب بإطلاق سراحهم و دون قيد أو شرط فقد توصلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعدد هائل من بيانات و رسائل التضامن التي تطالب كلها بإطلاق سراح المعتقلين.

—هذا يعني أن كل الشعارات التي تم ترديدها في فاتح ماي لا علاقة لها بالمس بالمقدسات؟

¡ بطبيعة الحال، و تدخل تلك الشعارات في إطار التعبير عن مواقف سياسية و فاتح ماي هو مناسبة ينتقد فيها المتظاهرون السياسات الرسمية التي لا تستجيب لمطالبهم و نحن كجمعية نمشي في مسيرات فاتح ماي لنطالب الدولة المغربية بفرض احترام حقوق العمال و ننتقد الانتهاكات التي تتعرض لها.

— و ما هي ملاحظاتكم حول أطوار المحاكمات؟

¡ إنها محاكمات لم يتوفر فيها الحد الأدنى للمحاكمة العادلة، و هذا ما عبرنا عنه في التقرير الذي أصدرناه خلال الأيام التي تلت المحاكمات، و ذلك بعدما انتهينا من جمع كل المعطيات المرتبطة بسير المحاكمات، و ما يجب التأكيد عليه هو أن الاعتقالات لم تكن في حالة تلبس، بحيث لم يتم اعتقال أي من المعتقلين و المتابعين و هو يردد الشعارات، بل إنه تم اعتقال بعض الأشخاص بعد مرور ثلاثة أو أربعة أيام، كما سجلنا حالة تعذيب أحد المعتقلين بأكادير، و سجلنا رفض المحكمة الشهادة الطبية التي تم إنجازها، بالإضافة إلى أنها رفضت إحالة المعتقل على طبيب مختص لإجراء خبرة طبية على الرغم من أن المعتقل و المحامون شددوا على هذا الأمر، كما سجلنا اعتماد المحكمة على طينة معينة من الشهود، و هم رجال الأمن التابعين إلى سلطة الاتهام، و سجلنا تناقضات بين هؤلاء الشهود خصوصا في محاكمة معتقلي القصر الكبير... و أعتقد أن الرأي العام الذي تابع أطوار هذه المحاكمات سواء في القصر الكبير أو أكادير، أجمعوا على أن هذه المحاكمات لم تكن عادلة، و كان هذا أيضاً رأي محامين لا ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تطوعوا لمساندة بعض المعتقلين، و نعتبر أن ما حدث في كل تلك المحاكمات أكد من جديد، أن القضاء لم يكن نزيها و لا مستقلا و مـازال ينطق بالأحكام بناءاً على التعليمات التي تصدرها الدولة لقمع و التضييق على المناضلين و الحقوقيين، و هذا هو الهدف الوحيد من هذه الاعتقالات: ترهيب المناضلين و الحد من نضالية الجمعيات التي ينتمون إليها.

— و ما الذي تفكر فيه الجمعية بعد ما تعرضت له في الوقفة التضامنية التي تم تشتيت أفرادها من طرف القوات المساعدة؟

¡ لقد أخبرنا الرأي العام في ندوة صحافية سابقة، أننا نعتزم رفع دعوى قضائية ضد المسؤولين عما جرى في الوقفة التي تم قمعها بطريقة خطيرة بالرباط، و نخبركم، أيضاً، أننا شكلنا فريقاً مكونا من عدد من المحامين يتدارسون التفاصيل المرتبطة بتقديم الدعوى القضائية على أنظار المحكمة، كما سبق لنا لأن طالبنا بلقاء مع الوزير الأول يحضره وزير العدل، و راسلنا وزير الداخلية، من أجل فتح تحقيق، و ما زلنا ننتظر الرد عليهما و سنتابعهما، كما أننا سنستمر في نضالنا من أجل إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين و كل المعتقلين السياسيين و معتقلي الرأي، و نعول في هذه المعركة على امكانياتنا و على الدعم الذي نتلقاه من طرف العديد من المنظمات الديمقراطية الصديقة، سواء في الداخل أو في الخارج لأنها ليست معركة جمعية دون سواها، بل معركة ضد التراجع عن المكاسب و من أجل توسيع مجال الحريات.