محمد بوكرين
محمد بوكرين، تذكروا هذا الاسم جيداً، و لا تستغربوا أن تكتب غذاً تقارير المنظمات الحقوقية الدولية أن بوكرين هو شيخ المعتقلين السياسين، ليس في المغرب فحسب و انما في العالم. فهذا الشيخ الطاعن في النضال الذي عبر عقده الثامن مجتازاً زنازين المعتقلات في عهد ثلاثة ملوك صدر أول أمس حكم ضده بالسجن سنة نافذة، كاملة غير ناقصة، بتهمة المس بالمقدسات.
إهانة المقدسات
جريدة المساء - الرأي الآخر- علي أنوزلا
6/28/2007


محمد بوكرين، تذكروا هذا الاسم جيداً، و لا تستغربوا أن تكتب غذاً تقارير المنظمات الحقوقية الدولية أن بوكرين هو شيخ المعتقلين السياسين، ليس في المغرب فحسب و انما في العالم. فهذا الشيخ الطاعن في النضال الذي عبر عقده الثامن مجتازاً زنازين المعتقلات في عهد ثلاثة ملوك صدر أول أمس حكم ضده بالسجن سنة نافذة، كاملة غير ناقصة، بتهمة المس بالمقدسات.
محمد بوكرين، هذا الاسم يختزل تاريخ الاعتقالات السياسية في عهد ثلاثة ملوك و برودة الزنازين طيلة خمسة عقود، فقد ظل ينزل عليها ضيفاً مند عهد السلطان محمد الخامس مروراً بعهد الملك الحسن الثاني، و انتهاءاً بعهد الملك محمد السادس.
و عندما يكتب غداً مؤرخ نزيه عن التهمة التي أدين بها بوكرين و رفاقه سيصعب عليه، أولا، شرح هذه التهمة لقرائه لأن تقديس البشر انتهى منذ عهد العقود الوسطى، و ثانياً سيجد حرجاً كبيراً في تفسير أن محكمة أصدرت قراراً بسجن رجل بلغ من الكبر عتيا بتهمة هلامية هي المس بالمقدسات.
لم أرأ حيثيات الحكم التي استندت إليها هيئة المحكمة في اصدار حكمها هذا على رجل طاعن في السن بتهمة هي أقرب إلى الشبهة منها إلى الجريمة الموصوفة، لأنه بجريرة هذه الشبهة يمكن أن تساق كل التهم و تبرر كل الأحكام مهما كانت ظالمة و غير عادلة.
عندما قررت هيئة الانصاف و المصالحة فتح شاشة التلفزيون لبوح ضحايا الانتهاكات الجسيمة في سنوات الجمر و الرصاص، اكتشف المشاهدون سخافة التهم التي كانت تلصق بالضحايا لتسلخ سنوات طويلة من عمرهم داخل زنازين النظام الباردة. و عندما تقرأ أجيال الغد ما سيكتبه المحللون عن محاكمة بوكرين ستكتشف تناقض الشعارات التي ترفعها الدولة اليوم حول دولة الحق و القانون و استمرار الاعتقالات السياسية باسم المس بالمقدسات.
تهمة بوكرين الحقيقية هي تمسكه بحقه في التعبير عن رأيه بحرية، و لم تتنه عن ذلك سنوات القمع الذي تعرض له طيلة مسيرته السيزيفية مدافعاً عن الحق، مطالباً بالعدالة و مبشراً بالحرية، و لم يزده ظلام الزنازين إلا عندا و صلابة في وجه جلاديه.
من المفارقة أن يزج برجل طاعن في السن في غياهب السجون بتهمة المس بالمقدسات، في الوقت الذي تسكت فيه محاكم المملكة و قضاتها عن فضيحة تفويت وقف من أوقاف المسلمين بسعر رمزي لمدير الكتابة الخاصة للملك، أوليس التصرف في وقف المسلمين بدون وجه حق أكبر من المس بالمقدسات؟ لأن فيه انتهاكاً لقيمة جوهرية هي الحق، و عندما يكون هذا الحق جماعياً، يعود إلى أمة بكاملها، فإن التهمة تصبح أكبر و الإدانة أقرب..
و إذا كانت هناك من قيمة توجب التقديس فهي قيمة الحق، و من يقدس هذه القيمة يستحق التقدير و الاحترام. و بوكرين يستحق منا التقدير و الاحترام لأنه يدفع ما تبقى من سنوات عمر ( أمده الله) قرباناً لهذه القيمة التي ستجعلنا نتذكره كلما تركناها تضيع منا، أما تقديس البشر فهو إلى زوال..