السلطة تواجه فصائل اليسار بتهمة إهانة المقدسات

شراسة تدخل السلطة و مباشرتها لحملة اعتقالات بالجملة في صفوف اليسار يندرج في سياق " ميساج " ترغب الدولة في إرساله إلى هذه الأطراف من كون " المخزن ما زال قوياً " و قادراً على تطويع أي تيار و محاربته. نفدت اللجنة المحلية للتضامن مع معتقلي فاتح ماي 2007 بكل من أكادير و القصر الكبير وقفة احتجاجية أمام محكمة بني ملال يوم الثلاثاء 05 يونيو 2007 في الساعة العاشرة صباحاً. لكن شاءت الظروف أن تتحول هذه الوقفة إلى مسيرة انطلقت من باب المحكمة لتنتهي في شارع محمد الخامس.

إهانة المقدسات

جريدة الوطن

6/16/2007

بعد أن أعلنوا تضامنهم مع معتقلي فاتح ماي

شراسة تدخل السلطة و مباشرتها لحملة اعتقالات بالجملة في صفوف اليسار يندرج في سياق " ميساج " ترغب الدولة في إرساله إلى هذه الأطراف من كون " المخزن ما زال قوياً " و قادراً على تطويع أي تيار و محاربته.

نفدت اللجنة المحلية للتضامن مع معتقلي فاتح ماي 2007 بكل من أكادير و القصر الكبير وقفة احتجاجية أمام محكمة بني ملال يوم الثلاثاء 05 يونيو 2007 في الساعة العاشرة صباحاً. لكن شاءت الظروف أن تتحول هذه الوقفة إلى مسيرة انطلقت من باب المحكمة لتنتهي في شارع محمد الخامس. رد فعل قوات الأمن كان قوياً، تمثل في شن حملة اعتقالات مساء يوم الثلاثاء و صباح يوم الأربعاء 6 يونيو 2007، استهدفت أعضاء من المعطلين ( عبد الرحمان عاجي، كاتب الفرع الجهوي لجمعية حاملي الشهادات المعطلين بالمغرب، و الشرقي نبيذ، و عبد الكبير الربعاوي عضو مكتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد ( اعتقل بمدينة الفقيه بنصالح )، و أعضاء في الجمعية. و من النهج الديمقراطي و اللجنة المحلية للتضامن مع معتقلي فاتح ماي، اعتقل إسماعيل أمرار، و هو ممثل للاتحاد المغربي للشغل أيضاً، من مقهى " فيردور" حوالي التاسعة و النصف من صباح يوم الأربعاء 6 يونيو 2007، في وقت كان يتحاور مع بعض عائلات المعتقلين، الشيء الذي تسبب في احتجاجات الحاضرين الذين أحاطوا بسيارة الشرطة رافعين شعارات معبرة عن غضبهم و سخطهم. و قد سجلت حالة إماء و إصابة بجروح في أصابع اليد اليسرى للمعطلة عتيقة، نقلت على إثرها إلى المستشفى. كما تم اعتقال كل من محمد فاضل و عباس عباسي عضوي ( ك.د.ش) و حزب الطليعة. و اعتقل أيضاً محمد بوكرين الوجه القيادي المعروف في الحزب و منتدى الحقيقة و الإنصاف إثر تعرض بيته لحصار قوات أمنية مختلفة طوال الليل، قبل أن يتم اعتقاله باكراً. بالإضافة إلى اعتقال إبراهيم أحنصال عضو الشبيبة الطليعية و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. و اعتقل أيضاً المعتقل السياسي السابق عزيز تيمور.

و في صباح يوم الخميس 7 يونيو 2007 أحالت الشرطة المعتقلين العشرة على النيابة العامة بابتدائية بني ملال، لاستنطاقهم حول أربعة أسئلة:

1- المشاركة في الوقفة الاحتجاجية.

2- صفة المشاركة

3- طبيعة الشعارات التي رفعت.

4- المشاركة في البيان التضامني للوقفة.

و حوالي الساعة الثانية و النصف زوالاً، قررت النيابة العامة إعادة المعتقلين إلى الشرطة القضائية لتعميق البحث. كما تناها إلى علمنا أن النيابة العامة استنطقت في اليوم نفسه القيادي الحقوقي و السياسي محمد بوكرين مرتين لوقت أطول، خلافاً لباقي المعتقلين.

و في صباح اليوم الموالي (الجمعة 8 يونيو 2007) طوقت المحكمة بقوات الأمن، و كل الطرقات المؤدية إليها منذ الساعات الأولى، إذ أخليت كل الجنبات القريبة من المحكمة في شارع الحسن الثاني من السيارات، ووضعت علامات منع الوقوف بها، و ظلت عائلات المعتقلين و مناضلوا التنظيمات و الجمعيات التابعين لها مرابطين في نقط متفرقة في انتظار قرار النيابة العامة التي لم تباشر عملية الاستماع للمعتقلين العشرة إلا حوالي الساعة الواحدة و أربعين دقيقة بعد الزوال، ليتم في الأخير قرار الإحالة على الجلسة، تسعة في حالة سراح و القيادي محمد بوكرين في حالة اعتقال. و قد تضمن قرار النيابة العامة في المتابعة تهم: إهانة المقدسات، تحقير مقرر قضائي، إهانة هيئة منظمة، المشاركة في تظاهرة غير مرخصة، بالنسبة لكل المتابعين مع إضافة حالة العود لأغلبهم.

من جهة أخرى، آزر المتهمين عدد غفير من المحامين من هيئة بني ملال، منهم النقيب عبيد أحمد، و الأساتذة حلماوي، الضو، القنادلي، بروك، أيت آمني، نجيم، الناصري، و قائمة طويلة من الأسماء لا يكفي المجال لذكرها. كما آزر المتهمين من خارج بني ملال عدة محامين يتقدمهم الأستاذ أحمد بنجلون الكاتب العام لحزب الطليعة و المحامي بهيئة الرباط، و كذلك الأستاذ عبد الفتاح زهراش و عدة محامين آخرين.

و كما كان منتظرا، مثل يوم الاثنين 11 يونيو 2007 أمام المحكمة الابتدائية ببني ملال المتابعين العشرة، بمن فيهم القيادي محمد بوكرين في حالة اعتقال وسط حضور غفير من المحامين من هيئة بني ملال و عدة مدن مغربية يتقدمهم الأساتذة أحمد بنجلون و النقيب عبد الرحمان بنعمرو و الأستاذ محمد الصبار رئيس منتدى الحقيقة و الإنصاف، حيث غصت القاعة بالمحامين و بعض المناضلين و عائلات المتهمين و الصحافة الذين استطاعوا اختراق الحصار الأمني المضروب على المحكمة.

و بعد نقاش مستفيض، قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى يوم 18 يونيو 2007 من أجل استدعاء الشهود، بالإضافة إلى مباشرة الدفوعات في الشكل و الموضوع، مع الحسم في ملتمس رفع حالة الاعتقال عن القيادي محمد بوكرين إلى آخر الجلسة، و التي كان قرار المحكمة في هذا الملتمس هو رفض تمتيع بوكرين بالسراح.

و حسب بعض المتتبعين، فإن شراسة تدخل السلطة و مباشرتها لحملة اعتقالات بالجملة في صفوف اليسار (الطليعة، النهج، الاشتراكي الموحد) و أعضاء الجمعيات الدائرة في فلك العائلة السياسية لليسار (المنتدى، أطاك، الجمعية المغربية، ك.د.ش، أ.م.ش، نقابة التعليم) يندرج في سياق " ميساج " ترغب الدولة في إرساله إلى هذه الأطراف من كون " المخزن ما زال قوياً " و قادراً على تطويع أي تيار و محاربته.

و يضيف هؤلاء أن التطورات الأخيرة بشأن الصحراء و مواقف بعض اليسار الجدري المعلن عنها عجلت بشراسة السلطة، مبرزين أن السنة الانتخابية بدورها أثرت على موقف الدولة التي لا تريد -في نظرهم- التشويش على المسار الانتخابي. و مما يرفع هؤلاء المتتبعين كقرائن لتحليلاتهم أن الشعارات التي رددت في المسيرات أو في فاتح ماي ليست بغريبة على المشهد السياسي و الحقوقي بالمغرب حيث كانت ترفع في عدة مناسبات دون أن تطال المحتجين متابعات و اعتقالات.